يبدو ان الأنظمة القائمة عدا تلك التي كانت مفرطة في العنف و الدموية كنظام ( صدام حسين ) في العراق وحكم ( معمر القذافي ) في ليبيا عدا ذلك فأن باقي الحكومات هي الأنسب لهذه الشعوب في الوقت الحاضر فمع بعض الرتوش وقليل من التحسينات و تغيير بعض الوجوه تكون تلك الحكومات مقبولة لا بل متمسك بها
فها هو الشعب المصري قد جرب التغيير و اطاح بحكم الرئيس ( حسني مبارك ) عبر تظاهرات و اعتصامات سميت في وقتها بالثورة و كان المحرك الأساسي لها هم جماهير الشعب المقهور الذي اراد من خلال هذا التحرك الجماهيري العارم الأنتقال الى الأفضل و الأحسن في المستوى المعيشي لعموم الشعب المصري و لم يكن يدور في مخيلته ان هذا الحراك سوف لن يكون سوى مطية للأسلاميين بأحزابهم المعتدلة و المتطرفة في الوصول الى الحكم و الأستيلاء على السلطة و من خلال الشرعية الأنتخابية و عن طريق صناديق الأقتراع و هذا الأمر ما كان يجب ان يحدث دون اجراء تعديلات و لكنه حدث فكان الثمن غاليآ اذ انتشرت افكار التطرف الديني و التيارات التكفيرية التي ترى في كل مخالف لها كافرآ يجب محاربته و قتله كما هو معروف عن هذه الحركات و كانت تلك الجريمة المروعة عندما قتل بعض الأشخاص سحلآ و تمزيقآ في احدى القرى لانهم كانوا على معتقد فكري آخر في مجتمع عرف عنه التسامح في مسألة الأديان و المعتقدات فكانت هذه الحادثة هي جرس الأنذار المنبه من الأنزلاق الخطر في هاوية الأحتراب الأهلي
لقد كان الحكم في الحقبة التي تلت انهيار نظام الرئيس ( حسني مبارك ) ليس حكم لكل الشعب كما اراد المتظاهرون و ثوار الميادين انما حكم اقلية فكرية استطاعت بدهاء و مكر و ذكاء معزز بتجربة تأريخية متمرسة من النضال العلني حينآ و السري احيانآ في ايهام الشعب المصري انها هي الحل الناجح و الوحيد لكل مشكلاته التي تبدأ سياسية و تمر اقتصادية و اجتماعية و هي لم تكن كذلك اطلاقآ اي الأحزاب الدينية فأن فكرها المتزمت الغارق في القدم لم يسمح لها بالتفاعل مع مستجدات العصر و متطلبات الشعب الأقتصادية و اذا كانت السياحة في هذا البلد الذي يملك من مقوماتها الكثير ما يجعله في مقدمة البلدان العالمية في هذا المجال المهم و الحيوي و ان يكون اعتماده على هذه الصناعة كبير الى حد كان هذا المصدر الوحيد لعيش الملايين من المصريين عرضة للخطر لانه لا يتلأم مع افكار ومعتقدات الأحزاب التي تسيطر على مقاليد الحكم فكان على هذه الملايين من البشر الموت جوعآ تنفيذآ لاراء و معتقدات الحاكمين الذين لم يكن لهم من معاناة هذه الجماهير شئ لانهم في واد و عموم الشعب في واد آخر
فكان لا بد من التغيير وان كنا نعتقد انه من الأفضل ان يكون ذلك من خلال صناديق الأقتراع ذاتها التي جاءت بهم هي التي تزيحهم و ترمي بهم خارجآ لكن يبدو ان الشعب غير مستعد للأنتظار سنوات اخرى فكان التحرك العسكري الذي انهى سلطة الأحزاب الدينية و هيمنتها و الفوضى التي احدثتها.
مقالات اخرى للكاتب