كثر الحديث عن الدولة الكردية المستقلة و عن حق الكرد في تقرير المصير واقامة كيانهم في دولة لها علم و نشيد وطني و سفارات في الدول الأخرى و هذا كله حق من حقوق الشعوب و ليس منة او جميل من احد واذا كان الشعب الكردي هو احد هذه الشعوب المتواجدة على الكرة الأرضية فهو ليس استثناء من هذه القاعدة و من صلاحياته اعلان استقلال بلاده من خلال الأستفتاء الشعبي او من خلال اعلان قيادته المنتخبة فهي صاحبة الحق في ذلك .
ان الدولة الكردية القادمة سوف تكون الجار الشمالي للعراق و سوف تكون لهذه الدولة حدود طويلة متداخلة مع الدولة العراقية و مع سنين من الأندماج في كيان واحد اجباريآ كان ام طوعيآ فقد نتج عنه عدة عوامل مشتركة لا يمكن لسنوات قليلة ان تلغيها بجرة قلم و شطبها فالتزاوج و التصاهر بين افراد الشعبين الكردي و العربي و كذلك اقامة هؤلاء و اولئك في مختلف مناطق العراق بحكم العيش المشترك في بلد واحد و لمدة طويلة من الزمن و اسباب اخرى كثيرة كلها عوامل تأخذ وقتآ ليس بالقصير من اجل ايجاد الحلول الملائمة لكل الأطراف و لكن هذه العوامل و غيرها لا يمكن ان تكون عائقآ حقيقيآ امام حلم لشعب كاد ان يتحقق في هذه المرحلة الزمنية المهمة و على قيادته انتهاز الفرصة التأريخية و اعلان الدولة الكردية المستقلة .
ان ما يجمع العرب بالأكراد من مصالح و تلاحم ليس بالشئ الكثير او الجم فالأكراد اقرب ثقافيآ الى الأيرانيين والى الأتراك و الى شعوب آسيا الوسطى منهم الى العرب الذين هم بدورهم اقرب الى ابناء عمومتهم من عرب الخليج و بلاد الشام منهم الى الأكراد مواطني البلد نفسه فالعادات و التقاليد بين الشعبين العربي و الكردي في بون شاسع من الأختلاف و اذا كان هناك عامل وحيد يجمع هاتين القوميتين هو الدين فأغلب العرب العراقيين هم من اتباع الديانة الأسلامية و كذلك الأكراد مسلمون و لكن هذا لا يجعل للوحدة بينهم ان تكون حتمية الا عند الجماعات و الأحزاب ذات الوجهة الدينية الأسلامية التي ترى ان ما يوحدها هو الدين الأسلامي بغض النظر عن اللغة و العادات و الثقافة انما لديهم ان الذي يوحد الجميع هو الدين وحده و هذا العامل لم يستطع ان يوحد عديد من البلدان في العالم ذات الصبغة الدينية الأسلامية .
اذا كانت العادات و التقاليد مختلفة الا ما ندر منها و كذلك هي اللغة بينهم و ان الدين الأسلامي لم يستطع من صهر الشعوب و جعلهم امة واحدة و ان مصالح الشعبين لم تعد متوافقة مع بعضها البعض و اصبح واقع الدولتين هو الأفضل لهما فما الذي يمنع من ذلك ؟
ان حاجز الدم الذي صنعته الحروب التي بدأت بها الأنظمة الحاكمة في العراق مع من يفترض النظر اليهم على انهم شركاء في الوطن و ليسوا اعداء له هو احد اهم الأسباب في القطيعة التي تحدث اليوم فالماضي ليس معناه فقدان الذاكرة و نسيان ما حدث من مآسي و كوارث التي هي المسبب لما يحدث الآن كما نعيشه اليوم فمن حق الأكراد ان تكون لهم دولتهم لوحدهم لا يشاركهم فيها احد و كذلك الحق نفسه للعرب في ان يحكموا دولتهم دون شركاء .
لقد كانت الوحدة الأجبارية بين الشعبين الكردي و العربي ذات طابع شؤم عم الجميع بشره فالقتلى و الضحايا كانوا من الطرفين و الأثنان يملك كل منهما من الأرض ما يكفي لاقامة عدة دول و ليست واحدة او اثنتين فلم القتال و لاجل من تشن الحروب التي تبيد الجميع و تفتك بالشعوب , لقد دفع الكل الثمن باهظآ غاليآ من اجل خارطة لم يرسمها اصحاب المصلحة الحقيقية في العيش السلمي المتآخي انما وضعت و صنعت حدودها لمصالح جهات دولية ضمن معاهدات قسمت و اقامت دولآ لم تكن قبل هذا التأريخ موجودة على الخارطة .
لقد عانى الشعب العربي في العراق و كذلك الشعب الكردي من المآسي و الكوارث جراء الحروب المستمرة و المستعرة التي غالبآ ما يكون المسبب في ايقادها هم اصحاب المصلحة من حكام و دوائر مخابراتية و تجار سلاح ويكون وقودها الناس البسطاء من كلا الشعبين .
لقد استبشرنا خيرآ عندما سحب رئيس اقليم كردستان وزرائه من الحكومة المركزية و كنا نأمل و نتمنى ان ينسحب النواب الكرد كذلك من البرلمان نهائيآ و يعودوا الى كردستان لاعلان دولتهم المنشودة و مثل الحق الذي لللأكراد في الأستقلال هو للعرب ايضآ اذ هم ارادوا ان لا يكون هناك اقوام أخرى تشاركهم الحكم و في هذه الحال يجبر الأكراد على الأنفصال و هذا ما نتمنى ان يحدث .