أعتاد أن يخاطبها كأخت، وهو فعلا كان يعنيها ،لأنه أدرك من الدروس التي مر بها إن العلاقة التي تدوم طويلا هي علاقة ألأخوة ،وكانت رسائله إليها تعبر عن هذه الأخوة الصادقة و إجاباتها إليه لاتخرج عن هذا الإطار أيضا، وكان كل واحد منهما يحس بمعاناة الآخر دون ان يكون هناك تفسير واضح المعالم لما يعنيه هذا الاهتمام ببعضهما، فكانت توصيه بين رسالة وأخرى بالالتفات إلى صحته، وكان هو شديد الحرص على أن يسمع منها مايسره عن صحتها أيضا وهكذا مرت الأيام بينهما.
بمرور الزمن صار يخالجه إحساس غريب اتجاها ،وبات يتأرق ليلا ولا ينام حينما لم ترده رسالة منها، وأخذ يعاتب قلبه عن هذا الشعور الجديد اتجاهها، ويقول له لقد اتفقنا منذ البداية أن تكون العلاقة أخويه، فما الذي دهاك أيها القلب الباحث عن المتاعب، لماذا تريد ان نتيه معا في متاهه لها اول وليس لها آخر، أتدري ماذا تفعل بي حين تظل تخفق لمن تهواها ،بالتأكيد تعرف ذلك، وتعرف حتى حجم معاناتي لاني صادق النوايا، كما انك تعلم أن الطبيب طلب مني الراحه والابتعاد عن ألمعاناة، فلماذا تريد ان تختزل عمري بسويعات قد تكون سعيده، وقد تكون غير ذلك ، ومن جعلك تخفق هكذا، هل هي الكلمات الجميله التي سمعتها منها وفسرت الموضوع على انه حب، الا تعلم ان الزمن تغير كثيرا، وهي ان اسمعتك بعض ما يسرك ، فأنها قد تكلمت بلغة العصر والثقة العالية بالنفس، وبأحسن الاحتمالات إنها أحبت ما كتبته من قصص ومقالات وليس بالضرورة ان ما اسمعتك اياه هي كلمات حب، متى ترعوي وتهدأ وتثوب الى رشدك وتكون ناضجا وبمستوى المسؤولية الثقافية التي تدعيها .
نشبت معركة حامية الوطيس بين قلبه وعقله ،وكان عقله دائم الانتصار وجامح لرغبات ألقلب، إلا انه ينشغل عنه أحيانا بأمور أخرى، فيحول هذا بعض النبضات التي تدق حينما يرد اسمها إلى كلمات حلوه يدسها عبر سطوررسائل الاخوه التي يرسلها إليها ،حتى احتارت بما يكتب لها وقالت ماهذا الرجل هل هو حبيب؟ أم أخ كما يدعي.
ذات يوم وردت منها رسالة كانت بعض كلماتها بلسم لجروحه، فأخذه الظن إنها قد تحولت من أخت الى حبيبه فكتب لها قائلا ،شكرا انك سمعتيني بصوت عال ،واخذ ينتظر الرد بفارغ الصبر، وجاء ردها الذي قالت فيه ،إني لم أتكلم معك بصوت عال وإنما سمعتك عاليا وقلة من اسمعهم هكذا .
أحتار بين معادلة السمع والصوت هذه، فهي غريبه على أسماعه، أخذ يقلب أموره فيحلم حلما يحلق به في فضاء السعاده وما يلبث ان يسقط على ارض الواقع فيصحوا من حلمه وهو مهشم الجسد والروح.
أدرك انه بحاجه إلى مزيد من التعقل، فأتخذ قرار بترك كل شيء، وان يقف مع ذاته وقفه يحاسب نفسه على ما فعل، إلا انه رغم الوقفة وان لم يكتب شيئأ جديدا لها ظل يراقب تلفونه عسى أن يرى ما يشير الى ورود رساله منها.
انتهت الوقفة وخرج بنتيجة ان الحب لايمكن ان تضمه اسوار يحبس فيها حينما ينبض به القلب، الا ان تغليب العقل أحيانا والانتصار على القلب ادعى لراحة الإنسان، وعذاب أيام خير من عذاب الدهر كله.،فهل ياترى سيلتزم بما قرر ؟ الأيام هي الكفيلة بالا جابه عن هذا السؤال
مقالات اخرى للكاتب