في المؤتمر الذي عقد في فندق الرشيد ببغداد صبيحة يوم الأربعاء التاسع عشر من آب الجاري تحت مسمى مؤتمر تحرير الانبار اكتشفنا سلاحا جديدا قد دخل إلى ساحة المعركة،فعقب انتهائه مباشرة شهدت قاعة المؤتمر عراكا بالكراسي بين عدد من (الشيوخ) قبل أن يتدخل بعض الحضور لفض الشجار وإنقاذ بقية كراسي القاعة من التحطيم على رؤوس المتشاجرين المجتمعين بهدف تحرير الانبار!والسؤال الذي يطرح نفسه،هل يحتاج تحرير مدن محافظة الانبار التي استولى عليها الدواعش إلى مؤتمر يتصارع فيه أصحاب المصالح مع بعضهم البعض بالكراسي والتراشق بالأحذية؟ وماذا يفعل شيوخ الصحوات بالسلاح أصلا وهم (مصحصحون على الآخر) في اقاماتهم وسكنهم في عمان واربيل والحارثية والمنصور والمنطقة الخضراء؟ أما كان من الأجدر أن يلتفت من دعا لعقد هذا المؤتمر إلى مئات الآلاف من الأسر النازحة من مدن الانبار التي نفد ما لديها من أموال ومدخرات ولم يعد بوسعها أن تدفع إيجارات السكن والمعيشة في بغداد واربيل والسليمانية ودهوك وشقلاوة التي صار البعض يسميها تندرا (شقلوجة) لكثرة النازحين فيها من أهالي الفلوجة والذين يقدر عددهم بأكثر من أربعين ألف نسمة في مركز المدينة وضواحيها وقراها،وغيرها من المدن،فضلا عن آلاف الأسر المعدومة في مخيمات النزوح والمساجد،والمشردين الحائرين على أطراف ومقتربات جسر بزيبز التاريخي؟هي ليست مجرد أسئلة وعلامات استفهام،إنما هي صرخات مكتومة تعبر عن آراء الأكثرية الساحقة من أهالي الانبار النازحين أو المقهورين المرتهنين تحت السياط الداعشية،فالمؤتمرات لا تحرر أرضا ولا تعيد نازحا ولا تطعم جائعا ولا تكسي عريانا،والأموال التي تصرف على مثل هذه المؤتمرات الصوتية من إيجار قاعات وحجوزات فندقية ووجبات طعام وحجوزات طيران مجانية وغيرها من المصاريف غير المنظورة،يمكنها أن تنتشل آلاف الأسر النازحة من بعض معاناتها وضيق ذات يدها في ظل ظروف قاسية لا يعلم بها إلا الله وأرباب تلك الأسر المتعففة المنكوبة .أما أولئك الشيوخ المرابطين في ديوان محافظة الانبار المجاور للمنطقة الخضراء،ليعرضوا خدماتهم الجليلة أمام كل مسؤول فهم ليسوا بحاجة إلى سلاح،إنما إلى صكوك تضاف إلى أرصدتهم تحت شعار تحرير الانبار،مثلما حررها الشيوخ من قبلهم،باستلام الأسلحة والمتاجرة بها وبيعها لكل من يدفع أكثر حتى لو كان من الدواعش،وقبض مليارات الدنانير التي تحولت إلى عقارات وقصور فارهة وشقق رئاسية يمارسون فيها التحرير من أوسع أبوابه في بيروت وعمان ودبي وأبو ظبي وغيرها من المدن (المحررة)!نصيحة للذين يهيئون لأي مؤتمر قادم عن تحرير الانبار،اختاروا منذ الآن قاعة بكراسي غير متحركة ومثبتة بالبراغي،فلا داع لأن نضيف الى قائمة تحرير الانبار مصاريف جديدة تحت باب تعويضات الكراسي المحطمة أو باب أحذية الشيوخ المفقودة!
مقالات اخرى للكاتب